الأربعاء، 7 مارس 2018

الى اي مدى يمكننا التحكم بخيارتنا وقراراتنا وافعالنا


  
الإرادة الحرة ربما هي اللغز الفلسفي الأكثر حيرة في الازمنة العابرة، كان معظم المفكرين القدماء ورجال الدين والفلاسفة  يحاولون إظهار أننا نحن البشر نسيطر على قراراتنا ، وأن أفعالنا "تعتمد علينا" ، وأنها لا يمكن ان تتحدد مسبقا بمحدودية قدرات الدماغ الذي تسيطر عليه التفاعلات البيوكيميائية. يمكن للدماغ أن يتفاعل فقط مع التأثيرات الخارجية،  ويفكر فقط في المفاهيم التي يتعلمها. هل اختياراتنا محددة مسبقا من قبل شخصيتنا وظروفنا؟

يقدم أحدث أبحاث علم الأعصاب أدلة مثيرة للاهتمام على أن أدمغة أنواع معينة من المجرمين تختلف عن تلك الخاصة بباقي الناس. إن الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب "لا يبدون عادةً اعتبارًا للخطأ والصواب. فقد ينتهكون القانون وحقوق الآخرين في كثير من الأحيان. فعندما تم مسح ادمغتهم من قبل العلماء أظهر دماغهم في المتوسط ​​انخفاضاً بنسبة 18٪ في حجم التلفيف الجبهي الأوسط في الدماغ، و انخفاض 9 % في حجم التلفيف الجبهي المداري، ولاحظ باحثون آخرون تشوهات في جزء آخر من الدماغ تسمى اللوزة الدماغية ، وعموما ، هذه الدراسات وغيرها الكثير، ترسم صورة بيولوجية كبيرة الاختلاف بين الأشخاص الذين يرتكبون جرائم خطيرة والأشخاص الذين لا يفعلون ذلك.






في اليوم الأول من شهر أغسطس عام 1966، استقل تشارلز ويتمان مصعد إلى الطابق العلوي من برج جامعة تكساس في أوستن. صعد الرجل البالغ من العمر 25 عاماً السلالم إلى سطح المراقبة ، حاملاً معه سلاح محشو بالذخيرة. في الأعلى ، قتل موظف استقبال بندقيته. صعدت عائلتان من السائحين إلى الدرج. أطلق عليهم النار من مسافة قريبة. ثم بدأ إطلاق النار بشكل عشوائي على الناس أدناه. 

 عند فحص دماغ ويتمان تبين انه مصاب بورم يعرف بالأرومي الدبقي glioblastoma، منتشر من تحت المهاد ،  كانت تضغط على منطقة ثالثة تسمى اللوزة الدماغية amygdala. وتشارك اللوزة في التنظيم العاطفي ، وخاصة الخوف والشجاعة. هذه التجربه فتحت انظار العلماء على تاثير تغيرات التي تحدث على دماغ في تغير سلوك الفرد.


الدماغ البشري هو آلة منطقية يسعى إلى تأسيس علاقة خطية بين سبب ما ونتيجة بغض النظر عن الواقع الزمني. الحقيقة أن الدماغ يوهمنا ان اي قرار او تصرف قمنا به تم اتخاذه في العقل الواعي.  في الواقع، هذه النظم وآثارها كلها نتيجة للقوانين الميكانيكية والبيوكيمائية، والتي لا نملك سيطرة تاما عليها

يقوم العقل بادارة 90% من اعمالنا سواء كنا نائمين او مستقيدين عندما تظن ان فكرا ما خطر في بالك فان هذه الفكرة تواجد مسبقا في دماغك بفارق عدة اجزاء من الثانية قبل ادراكها. شي ما في دماغنا يرشدنا في حياتنا اليومية يفسر العلماء هذا بسبب وجود ثغرات في ادراكنا وذاكرتنا لذلك يقوم الدماغ بتوجيهنا اتوماتيكياً بناء على خبرات سابقة عشناها وهذا اسهل واسرع للدماع من ان يقوم بادراك الدقيق للامور ( تشكيل صورة دقيقة عن الواقع ) التي تدور حولنا وتحليل ثم اتخاذ القرارات. الانسان هو عبارة عن اشارات كهروكيماوية تتشكل داخل الدماغ مدخلاتها هي انظمة الحسية ( النظر و السمع واللمس ...) ويتم معالجتها بشكل غريب في الدماغ وينتج عنه محاكاة لما نعتقد انه الواقع الشئ الوحيد الذي ندركه فعلاً هو الشئ الذي نفكر به بعمق ويشاركنا بذلك عقلنا الباطني.

الاعمال الروتينية يقوم بها الدماغ دون تشغيل وعينا لكنا عند حدوث شي خارج عن الروتين فان الادراك يعمل وبذلك نستطيع ان نقوم 3-4 مهام في نفس الوقت. لكن تعرض ذاكرتنا قصيرة المدى للاجهاد يجعلنا نفقد التركيزعند ما يتم عرض اكثر من شي وبسرعة كبيرة امامنا وعندما ينتهي هذا العرض لا تتذكر اي شي من الاشياء التي عرضت امامك وهذا ما يستغله سحرا او اصحاب العاب الخفة في العابهم. الجزء الواعي من دماغنا هو قشرة مخية التي تغلف الدماغ من الخارج والتي يبلغ سمكها ميلي واحد تشكل 15 مليار خلية عصبية قادرة على تشغيل شبكة جديدة خلال اجزاء من الثانية لكن هذه القشرة تستهلك طاقة كبيرة اضعاف طاقة التي يحتاجها اجزاء الدماغ الاخرى لذلك يقوم الدماغ باستغناء عن الادراك الواعي لتجنب استهلاك مزيد من الطاقة التي يحتاجه الجسم للقيام بمهام اخرى.

جدع الدماغ يقوم بتنظيم وظائف الحيوية للجسم مثل ضربات القلب والتنفس و يقوم المخيخ بتنسيق بين جميع الافعال الروتينية  الحركية كالمشي والتقاط الاشياء والجهاز الحوفي ينظم كل ما نشعر به والنهاد مسؤول عن اخيار ما هو جديد ومهم من مدخلات الخارجية ليشاركها مع اجزاء الدماغ الواعية. غقلنا الباطني يقول لنا ماذا ناكل ونشرب على الصباح شاي ام قهوة ذلك قبل ان نفكر في الموضوع حتي فالعقل الاواعي يحلل كمية هائلة في اجزاء من الثانية انها عملية معقدة اكثر من اي عمليات التي يشهدها العقل الواعي لكننا لا ندرك مدى سيطرة عقلنا الاتوماتيكي ونظن اننا نسيطر على جميع افعالنا بذكائنا الذي نعتبرة الاعلى والافضل على جميع كائنات الاخرى الموجودة على سطح الكوكب.

عندما تشاهد طفل يلحق بكرة على شارع مقظد بالسيارات فان الضوء المنعكس عن جسم الطفل يدخل عبر بؤبؤ العين، ويستضم بالشبكية تشفر هذه البيانات الى ملايين من النبضات العصبية بعد 50 ميلي ثانية تصل الى  النهاد في حالة الطوارئ لا يرسل النهاد البيانات الى القشرة الدماغية الواعية المسؤولة عن البصر لوحدها بل الى اللوزة الدماغية  ايضا التي هي زر الذعر في دماغنا من ما يدفعنا الى التصرف بلمح البصر بدون وعي بعد 100 ميلي ثانية دون معرفة السبب بعد ذلك تقوم خلايا عصبية متخصصة بتحليل الالوان والاشكال والتباينات وترسل عبر قواعد بيانات تجاربنا الى القشرة الدماغية الواعية يتم يجميع اجزاء الصورة لتصبح ذات معنى وترسل مجددا الى القشرة البصرية الان من هذه اللحظة نستطيع روية بشكل واعي وندرك ان طفل يلحق بكرة حدث تم تقيمه وتوقع حدوثه قبل 300 ميلي ثانية من حدوثه والقرار تم اتخاذه في الجزء اللاوعي في الدماغ لكننا نشعر في النهاية اننا اتخذناه بوعي بعد ان يتم اعادة تشكيل الصورة في القشرة البصرية لكن في الواقع قرار امساك الطفل ومنعه من وصول الشارع تم اتخاذه من قبل اللوزة الدماغية قبل حوالى 150 ميلي ثانية من وصول البيانات للقشرة البصرية .


عند ما تذهب لشراء حذاء فان عقلك الواعي يكون جل تركيزه على اجاد محل للاحذية في مدينة مقتظة بالاشياء والناس مثل مدينة نيويورك اثناء تنقلك تمر بعدد هائل من الناس لكنك لا تتذكر اين منهم بعد دقائق هذه الاستراتيجية طورها الدماغ من اجل ملاعمة حاجتنا والتركيز على ما يهمنا فقط لو استطاع الدماغ معالجة جميع ما قمت برويه مثلا فان حجم الدماغ كان يجب ان يكون بحجم سيارة وهذا يتطلب طاقة هائلة لتشغيل دماغ واعي مدرك بحجم كبير فضروريات التطور فرضت علينا دماغ صغير يستطيع التركيز ومعالجة ما هو ضروري لبقاءنا واستمرارنا فمثلا نحن لا نرى الاشعة تحت الحمراء ولا فوق البنفسجية لا نسمع اصوات ذات ترددات عالية ولا نشم جميع الروائح وهكذا

المراجع:

الاول

الثاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

إعلانك هنا
ااااااااااااااا

روابط الصفحات الاخرى