الاثنين، 4 مايو 2020

هل للكون بداية ؟



هل ممكن ان تكون الطاقة ازلية ؟ بما أنّ الطاقة الكلية للكون قريبة جدا من صفر، وعلى اعتبار انه نظام مغلق. فان قانون حفظ الطاقة، لا يتم انتهاكه عند تحول طاقة الى مادة او من شكل للمادة الى اخر، فالكون احد اشكال العدم بطاقة شبه صفرية. آخر الإضافات المعاصرة لنظرية الانفجار الكبير، ,وهي النسخة المحدثة للانفجار العظيم والتي تُدعى بالانفجار التضخّمي الكبيرInflationary Big Bang ، ووفقًا لهذه النظرية مرّ الكون بفترةٍ من التضّخم السريع الأُسيّ  Exponential Inflation  خلال كسرٍ ضئيلٍ من الثانية الأولى. لقد مرّت مؤخرًا نظرية التضخّم بسلسلةٍ من اختبارات المشاهدات التي كانت قادرةً على تخطئتها، وحتى الأن اجتازت النظرية هذه الاختبارات بنجاحٍ.[1]

نظرا  لتجانس الكبير الذي يعتلي الكون في بدايته وسبب كونه مسطحًا، ظهرة نظرية التضخم الازلي التي تقترح على أنّ الكون لم يُولد وحيدًا بل هناك عددٌ من الأكوان المتوازية ويستمر توليد الأكوان، ولهذا سميت بـ«التضخّم الأبدي  Eternal Inflation».  إن كان التضخّم لانهائيٌ باتجاه المستقبل، فهل هو لانهائيٌ باتجاه الماضي؟

في مراجعةٍ علميةٍ لألان جوث بنفسه لنظريته عام 2007 صرّح بالتّالي: «لا يوجد أيّ استنتاجٍ يدل على أنّ نموذج التضخّم الأبدي كانت له بدايةٌ فريدةٌ من نوعها»…«وهنالك نماذجٌ تقترح مناطق انكماشٍ داخل منطقة التوسّع وبإمكان هذه النماذج أن تزيغ نظريتنا»[2]. يشير جوث هنا إلى ما قدّمه أنتوني أجيري Anthony Aguirre   والذي قدّم مقالته العلمية في نفس العام، واقترح فيها على أنّ التضخّم الأبدي يكون أبديًا باتجاه الماضي أيضًا، أي أنّه حاجج على أنّ نظرية التضخّم الأبدي Eternal Inflation   لا تشترط بدايةً للكون[3].

 بالإضافة إلى هذا، سأل فيكتور ستينجر أحد ناشري المقالة المشار إليها في الأعلى، أليكسنادر فيلنكن: «هل أثبتتْ نظرية التضخّم الأبدي أنّ هناك بدايةً للكون» وأجاب فيلينكن بالنّفي، مشيرًا مرّةً أخرى إلى الانكماشات التي أشار إليها ألان جوث أعلاه[4]. نفي وجود بدايةٍ للتضخّم الأبدي والانكماشات المُشار إليها هي ما أكدته بحوث الجاذبية الكمية الحلقية  Loop Quantum Gravity (LQC)، وبالذّات ما نشره عالم الفيزياء الكمومية أباي أشتكار AbhayAshtekar   عام 2009؛ مؤكدًا على خطأ الاعتقاد ببدايةٍ للتضخّم الأبدي وأنّ هذا الاعتقاد يناقض الجاذبية الكمية الحلقية[5]


 فوق كل هذا تذكر أنّنا حين نتكلم عن اللحظات الأولى للانفجار الكبير؛ فإنّنا ندخل متاهةً من الجهل البشري، في تلك المتاهة لا يمكنك أن تخوض نقاشًا ذو معنى دون أن تُعرِّض نفسك لسنين مجهدةً من الفيزياء والرياضيات. فلا يهم ما تظن أنّك تعلمه، لأنّ كل الاستنتاجات التي تأمل بالوصول إليها لتفسير حقيقة الكون، لن تكون أكثر من تخميناتٍ كبيرةٍ. وعلى الرغم من هذا التواضع الذي يحمله المنهج العلمي، يُصرّ المدافعون اللّاهوتيون على أنّ لعبة الكلمات الفلسفية هي كل ما يتوجّب أن يحملوه، ليدعموا به نتائجهم التي تُصرِّح بأنّها صحيحةً بشكلٍ مطلقٍ. ولكن يبقى أفضل ما يمكن قوله: أنّني لا أعلم ولا أنتم تعلمون بدرجات اليقين التي تدّعونها، ولكنهم ينادون بإله الفجوات دومًا على أية حال.

 مسمارٌ آخر يُدَق في نعش الحجة الكلامية، فكما نرى ادعاء أنّ الكون بدأ بالوجود مع الانفجار الكبير هو ادعاءٌ لا تَدْعمه أيٌّ من المعرفة الفيزيائية والكونية المعاصرة، فالمشاهدات التي تؤكد نظرية الانفجار الكبير لا تنفي أبدًا احتمالية وجود شيءٍ مَا سابقٍ للانفجار الكبير، وممّا تجدر الإشارة إليه هو أنّ تعبير الانفجار الكبير ليس إلّا مصطلحًا كان يستخدم تهكمًا ببدايات النظرية، أمّا النظرية بحدّ ذاتها لا تشترط وجود فردانية   Singularit كي تنفجر. وأود هنا أن اقترح على القارئ مقالةً بعنوان A Tale  of Two Big Bangs    لمعهد ماكس بلانك للفيزياء الجاذبية[6]، يوضح الكاتب فيها خطأ الاعتماد على نظرية الانفجار الكبير لإثبات الفردانية  Singularity، ويوضح الكاتب أيضًا الفرق بين طور الانفجار الكبير Big Bang phase   والذي نشأ عنه الكون قبل 13.7 مليار سنة، وما يفترض أن يسبق هذا الطّور وما يعرف بالفردانية، وموقف المجتمع العلمي لكل منهما.

 لقد تمّ نشر عدة نماذجٍ نظريةٍ تقترح آلياتٍ لتفسير بداية الكون والانفجار الكبير من كونٍ سابقٍ، كأن يكون نفقًا كموميًا Quantum Tunneling  أو ما يسمى التذبذبات الكمومية Quantum Fluctuations.  ومعادلات علم الكونيات Cosmology التي تصف الكون المبكر تنطبق تمامًا على الجانب الآخر من محور الزمن، وبالتالي ما من سببٍ يدفعنا لافتراض أنّ الكون بدأ بالانفجار الكبير.

 في كتابه الكون القابل للفهم  The Comprehensible Cosmos، قدم عالم الفيزياء النّظرية Victor Stenger   تتابعًا محددًا لأصلٍ طبيعيٍ لا يتطلب أيّ معجزةٍ لنشوء الكون[8]، وكان قائمًا على نموذج غياب الحدود nonboundary model    لجيمس هيرتل وستيفن هاويكنغ[9]. في ذلك النموذج، ليس للكون بدايةً أو نهايةً في الزمان أو المكان. وفي التتابع الذّي قدمه ستينجر، يوصف الكون بأنّه قد «تغلغل» عبر الفوضى في زمن بلانك من كونٍ سابقٍ كان موجودًا طوال الزمن السابق.[10]

بالإضافة إلى هذا، نشر أليكساندر فيلينكن مقالةً علميةً بعنوان  Creation of Universe From Nothing، اقترح فيها سيناريو ممكنٌ لوجود الكون من لا شيء، ليس زمكانٌ فارغٍ بل لا شيء بشكلٍ حرفيٍ عبر النفق الكمومي. وفي مقالته أيضًا، أشار إلى أنّه لا سبب مطلوبًا لهذا السّيناريو.[11]

المراجع العلمية 

[1] Linde, Andrei D. Inflation and quantum cosmology. Elsevier, 2012.
[2] Guth, Alan H. “Eternal inflation and its implications.” Journal of Physics A: Mathematical and Theoretical 40.25 (2007): 6811.
[3] Aguirre, Anthony. “Eternal Inflation, past and future.” arXiv preprint arXiv:0712.0571 (2007).
[4] Stenger, Victor J. “Faith In Anything is Unreasonable.”
[5] Ashtekar, Abhay. “Singularity resolution in loop quantum cosmology: A brief overview.” Journal of Physics: Conference Series. Vol. 189.No. 1.IOP Publishing, 2009.
[7] Atkatz, David, and Heinz Pagels. “Origin of the universe as a quantum tunneling event.” Physical Review D 25.8 (1982): 2065.
[8] Stenger, Victor J. The comprehensible cosmos: where do the laws of physics come from?.Prometheus Books, 2006.
[9] Hartle, James B., and Stephen W. Hawking. “Wave function of the universe.” Physical Review D 28.12 (1983): 2960.
[10] Stenger, Victor J. The comprehensible cosmos: where do the laws of physics come from?.Prometheus Books, 2006.
 [11] Vilenkin, Alexander. “Creation of universes from nothing.” Physics Letters B 117.1 (1982): 25-28.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

إعلانك هنا
ااااااااااااااا

روابط الصفحات الاخرى