هل تصمد البشرية لمئة عام اخرى ؟

أعدك ان ما ستقرائه اسوأ من ما تعتقد وسيتجاوز كل مخاوفك اذا كنت تعتقد ان ارتفاع درجات الحرارة العالمية ستتسبب بارتفاع سطح البحار وبتالي غرق المدن الساحلية بفيضانات، فأنت بالكاد تخدش سطح ما يمكن أن يكون مرعبًا ، فالاحتباس الحراري وتلوث تنطوي على تهديدات اخرى اخطر واعمق.  ومع استمرار البشر بانشطتهم دون ادنى اكتراث للعواقب، قريبا أجزاء من الأرض ستصبح  غير قابلة للسكن ، وأجزاء أخرى ستكون غير مضيافة بشكل فضيع، بمجرد نهاية هذا القرن.

انبثاق غاز الميثان

الأرض الصقيعية في القطب الشمالي تحتوي على 1.8 تريليون طن من الكربون ، أي أكثر من ضعفي ما تم اطلاقه  في الغلاف الجوي للأرض حتى الان. عند ذوبان هذا الجليد سينطلق الكربون المحجوز على شكل غاز الميثان ، وهو ما يعادل 34 ضعفًا قوة غاز 2CO  المسبب للاحتباس الحراري في غضون فترة زمنية تبلغ قرنًا واحدًا. وسيتضاعف الى 86 ضعفا خلال قرنين. هذا يعني ان قوة الاحتباس الحراري سيتضاعف 34 ضعفاً خلال قرن من الزمان و86 ضعفاً خلال قرنين.

تم وضع هدف بابقاء على درجتين اعلى خلال هذا القرن في اتفاقية باريس، لكن بعض العلماء يقولون ان الاوان قد فات حتى لو توقفنا عن استخدام الوقود الاحفوري فانه بنهاية القرن مدن مثل ميامي وبنجلادش لن يكونوا على الخريطة، وملايين سيكون عليهم الهجرا الى مدن غير ساحلية. بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية التي تعتبر ثاني اكبر مسبب للاحتباس الحراري فان العالم تخطى نقطة الرجوع.

لقد مرت الأرض بخمسة انقراضات جماعية قبل الانقراض الذي نعيشه الآن ، ربما قرأت في كتبك المدرسية الثانوية أن هذه الانقراضات كانت نتيجة للكويكبات. في الواقع ، كل ما عدا تلك التي قتلت الديناصورات كانت بسبب تغير المناخ الناتج عن غازات الدفيئة. الأكثر شهرة كان قبل 252 مليون سنة. وقد بدأ ذلك عندما تسبب الكربون  برفع حرارة الكوكب بمقدار خمس درجات ، وانتهى بالقضاء على  97٪ من مجمل الحياة على الأرض. نقوم حاليا بإضافة الكربون إلى الغلاف الجوي بمعدل أسرع بكثير ؛ حسب معظم التقديرات ، على الأقل عشر مرات أسرع. هذا ما كان يدور في ذهن ستيفن هوكينج عند ما قال ، ان البشرية تحتاج إلى استعمار كواكب  الأخرى في القرن القادم من أجل البقاء ، وما دفع إيلون موسك، إلى الكشف عن خططه لبناء موئل المريخ في غضون 40 إلى 100 عام. 

الموت المباشر جرأ الحرارة المرتفعة

يلعب الهواء البارد دورا مهما في تبريد اجسادنا بشكل طبيعي في حال ارتفاع درجة الحرارة العالمية الى 7 درجات بحسب بعض النماذج وخاصة في المناطق الاستوائية ، وبوجود الرطوبة  تكون نتائج كارثية ؛ في غابات كوستاريكا ، على سبيل المثال ، حيث ترتفع الرطوبة بشكل روتيني 90 % ، ببساطة الخروج من البيت  عند ما تكون درجة الحرارة  أكثر من 105 درجة فهرنهايت ستكون مميتة. في غضون ساعات قليلة ، سيتم طهي جسم الإنسان حتى الموت من الداخل والخارج.

عند درجة حرارة 11 أو 12 درجة ، اعلى من المتوسط  فإن أكثر من نصف سكان العالم ، سيموتون من حرارة مباشرة. ومن شبه المؤكد أن الأمور لن تصل الى هذا القدر من السخونة في هذا القرن ، على الرغم من أن نماذج من الانبعاثات التي لا هوادة تتوقع وصول الى هذا الحد.

نهاية الغذاء

الصلاة من أجل حقول الذرة في التندرا.

تختلف المناخات وتختلف النباتات ، ولكن القاعدة الأساسية لمحاصيل الحبوب الأساسية التي تنمو في درجة الحرارة المثلى هي أنه مقابل كل درجة مئوية ، تنخفض المردود  بنسبة 10٪. بعض التقديرات تصل إلى 15 أو حتى 17 في المئة. وهذا يعني أنه إذا كان الكوكب أكثر دفئًا بمقدار خمس درجات في نهاية القرن ، فقد يكون لدينا ما يصل إلى 50٪ من مردود الغذاء فقط . والبروتينات تصبح اقل جوده : يتطلب الأمر 16 سعرًا حراريًا من الحبوب لإنتاج فقط سعرة حرارية واحدة من لحم  البقر المستعمل في الهامبرغر.

قد يكون الجفاف مشكلة أكبر من الحرارة ، حيث تتحول بعض أكثر الأراضي الصالحة للزراعة في العالم بسرعة إلى الصحراء. بحلول عام 2080 ، وبدون تخفيضات كبيرة في الانبعاثات ، سيكون جنوب أوروبا في حالة جفاف شديد. وينطبق الشيء نفسه على العراق وسوريا و بقية الشرق الأوسط. بعض الأجزاء الأكثر كثافة سكانية في أستراليا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. ومناطق سلة الخبز في الصين. لن يكون أي من هذه الأماكن ، التي توفر اليوم الكثير من أغذية للعالم، مصادر موثوقة

في الوقت الحالي يعاني 800 مليون من النقص الشديد في التغذية ، ومع زيادة عدد سكان حيث يتوقع ان يصل الى 11 مليار نسمة سيكون الوضع كارثي بشكل لا يصدق، فالمجاعات في كل من الصومال وجنوب سودان ونيجيريا واليمن قد تقضي على 20 مليون شخص هذا العام بحسب تقديرات الامم المتحدة. التقرير هنا

انتشار الأوبئة

هناك الآن  تحت الجليد العديد من الطفيليات والفيروسات العالقة  في جليد القطب الشمالي ، وهي أمراض لم تنتشر في الهواء لملايين السنين - في بعض الحالات ، ولم نواجها يوما بتالي جهازنا المناعي لا يستطيع مقاومتها. يخزن القطب الشمالي أيضًا حشرات مرعبة من الأزمنة الحديثة. في ألاسكا ، اكتشف الباحثون بالفعل بقايا أنفلونزا 1918 التي أصابت ما يصل إلى 500 مليون شخص وقتل ما يصل إلى 100 مليون - حوالي 5 في المائة من سكان العالم وتقريباً ستة أضعاف الوفيات في الحرب العالمية هذا الوباء كان بمثابة نوع من الرعب الشنيع. وكما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية ، فإن العلماء يشكون في أن الجدري والطاعون الدبلي محاصران في جليد سيبيريا أيضاً.

ويحذر الخبراء من أن العديد من هذه الكائنات الحية لن تنجو بسهولا عند ذوبان الجليد ، واشاروا إلى الظروف المخبرية الصعبة التي أعادوا خلالها إحياء العديد منها - حيث تم إحياء البكتيريا عاشت قبل 32000 سنة في عام 2005 ( المصدر هنا) ،  كذلك  تم اعادة احياء كائنات مجهرية عاشت قبل 8 مليون سنة في عام 2007  (المصدر هنا) ، كما احيت عالمة روسية جرثوما عاشت قبل 3.5 مليون سنة حيث قامت بحقن نفسها بدافع الفضول فقط - للإشارة إلى أن هذه الشروط ضرورية لعودة مثل هذه الأوبئة القديمة، وقد قُتل صبي وأُصيب 20 آخرون بالجمرة الخبيثة بعد ذوبان الجليد عن  حيوان الرنة الذي قتلته البكتيريا قبل 75 سنة على الأقل.

الاحتباس الحراري سيتسبب بتغيرات في نظام الايكولوجي  فهجرة البعوض المسبب للملاريا او حمى  الدنج الى اماكن جديدة بعد ان تضربها حمى الاحتباس الحراري. سينقل هذه الامراض معها، كما هو الحال بحمى زيكا الذي ظهر اول مرة في اوغندا، كما ان العلماء غير متيقنين من تاثير الاحتباس على طفرات الجينية على الفيروسات والبكتيريا التي من المحتمل ان تصبح اشد عدوانية وضراوة.    

تلوث الهواء

لقد تجاوزت تلوث بثاني اكسيد الكربون  400 جزء في المليون ، وتشير التقديرات المتطورة المستقاة من الاتجاهات الحالية إلى أنها ستصل إلى 1000 جزء في المليون بحلول عام 2100.

          "مع ازدياد درجات الحرارة يزداد تشكل غاز الاوزون بحلول عام 2090 اكثر من 2 مليار نسمة سيتنفسون هواء فوق مستوى " السلامة " الذي حددته منظمة الصحة العالمية"

 بالفعل ، يموت أكثر من 10 الاف شخص كل يوم من الجسيمات الصغيرة المنبعثة من حرق الوقود الأحفوري. في كل عام ، يموت 339000 شخص بسبب الدخان الناتج عن الحرائق ، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن تغير المناخ قد مد من موسم حرائق الغابات (في الولايات المتحدة ، ارتفع بنسبة 78 يوميًا منذ عام 1970). بحلول عام 2050 ، وفقا لخدمة الغابات في الولايات المتحدة سوف تكون حرائق الغابات أكثر تدميرا من ما هي عليه  اليوم. فعلى سبيل المثال ، حرائق أراضي الخث في إندونيسيا في عام 1997  تسببت في إطلاق ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 40 بالمائة عالميا، ثم هناك أشكال التلوث الأكثر شيوعًا. في عام 2013 ، قام الجليد الذائب في القطب الشمالي بتجديد أنماط الطقس الآسيوية ، مما حرم الصين الصناعية من أنظمة التهوية الطبيعية التي أصبحت تعتمد عليها وصل تركيز غازات الدفيئة اكثر من 800 جزيء، والتي غطت الكثير من شمال البلاد في ضباب دخاني يحد من التنفس " حرفيا غير قابل للتنفس " حيث يعتبر الهواء في نطاق 301 الى 500 جزيء امن للبشر.

المحيطات المسممة

أن البحر سيصبح قاتلاً. وإذا لم يحدث تخفيض جذري في الانبعاثات ، فسوف نشهد على الأقل أربعة الى 10 اقدام ارتفاع في سطح المحيطات والبحار بحلول نهاية هذا القرن. ثلث المدن الرئيسية في العالم تقع على الساحل ، ناهيك عن محطات الطاقة ، والموانئ ، والقواعد البحرية ، والأراضي الزراعية ، ومصايد الأسماك ، ودلتا الأنهار ، والمستنقعات ، وإمبراطوريات الأرز . يعيش ما لا يقل عن 600 مليون شخص في نطاق عشرة أمتار من مستوى سطح البحر اليوم.

ربما سمعت عن "تبييض المرجان" - تبييض المرجان ليس تعبيرًا صحيحًا حقيقيًا عن موت المرجان. عندما يتم الضغط على الشعاب المرجانية ، فإنها تطرد الطحالب ، مما يجعلها بيضاء.   لأن الشعاب المرجانية تدعم ما يصل إلى ربع جميع أشكال الحياة البحرية وتوفر الغذاء لنصف مليار شخص. 

  إن تحمّض المحيطات سيقلل من تجمعات الأسماك بشكل مباشر أيضًا ، على الرغم من أن العلماء ليسوا متأكدين بعد من كيفية التي ستؤثر بها المياه الحمضية على سلسلة الغذائية للاسماك والتي بدورها ستحد من الامدادات الغذائية للبشر لكنهم لاحظوا أنه في المياه الحمضية ، سيكافح المحار وبلح البحر في انماء ذروعهم.

امتصاص الكربون يمكن ان يستهلك حلقات التغذية الراجعة في المياه الملئ بالاكسجين حيث ظهرة العديد من كائنات المجهرية التي تفرغ المياه من الاكسجين في ما يعرف " بمناطق الموت " التي اصبحت تتمدد بشكل مخيف في المحيطات وتتسبب بموت الاسماك والكائنات البحرية اختناقاً. هذه العملية ، التي تنمو فيها المناطق الميتة كالسرطانات ، وتخترق الحياة البحرية وتمحو مصائد الأسماك ، هي بالفعل متقدمة جدا في أجزاء من خليج المكسيك وقبالة ناميبيا ، حيث يخرج كبريتيد الهيدروجين من البحر على طول الألف الاميال بمحاذات الأرض المعروفة باسم "ساحل الهيكل العظمي". 

كبريتيد الهيدروجين سام جداً لدرجة أن التطور قد دربنا على التعرف على أدق آثاره ، حيث تسبب بقضاء على 97 % من جميع أشكال الحياة على الأرض ، بمهاجمته لجميع حلقات التغذية الراجعة، انه الغاز الذي يمكنه التسبب بمحرقة طبيعية. 

ترجمة : اسامة خليل
osama khalil

المصدر